السلام عليكم
عند انفصال الوالدين، غالباً ما تظهر الخلافات حول المبادئ التربوية.
على الرغم من تباين رأيكما حول القيم ونفور أحدكما من الآخر، لا بد من الحفاظ
على الرابط الأبوي وحماية الأولاد من حربكما.
عندما يعيش الأب والأم معاً، لا تحدَّد القواعد التربوية، لأن كلاً منهما يضطلع بدور معين.
لكن عند الانفصال، تتمحور الأمور كلها حول الاختلافات.
عندما يصعب على أحدهما التواصل مع الآخر،
يصبح كل ما يقوم به هذا الطرف أو يقترحه مرفوضاً من الآخر عندها، يجد الأولاد نفسهم في مرمى
رشقات الراشدين اللذين يعيشان حرباً مستمرة، نتيجة أسلوبي تربية متناقضين.
إن كنتما تعيشان تلك الحالة لا بد من التنبّه الى ما يلي لتفادي ضياع ولدكما:
تفاهما
الهدف الأمثل أمامكما هو أن تتمكنا من تأمين تناسق تربوي، ما يعني أن
طفلكما يجب أن يعيش مثلاً في منزلين، لا أن يكون أداةً أو ملجأ لحفظ الأسرار.
اسهرا على راحته الجسدية والنفسية وحدِّدا معاً أسس الراحة لطفلكما:
إدارة الوقت، ألعابه، العمل، غرفته، علاقاته مع الخارج،
خروجه، أوقات فراغه، هاتفه الخليوي، إلخ.
هذا في ما يتعلق بالمبادئ الأساسية، لكن على أرض الواقع، تندلع الخلافات على نقاط أو أساليب محددة.
يلوم أحدكما الآخر مثلاً على النوم المتأخّر
والواجبات المدرسية غير الخاضعة لإشراف كاف والتساهل الكبير في منح الإذن بالخروج،
أو على العكس، المواقف الحمائية والمقيّدة. «أنت متساهل جداً»
و«أنت قاسية جداً»، هذان الاتهمان نسمعهما مراراً.
في علاقة زوجية، يطلق الأب دوماً العنان لولده، وتفرط الأم في حمايته،
أو بالعكس. يستفيد الولد بالتالي من هذا التوازن، لذا من الجيّد الحفاظ عليه بعد الطلاق.
إن حاول الولد الاستفادة من الخلافات في نمط التربية كأن يقول: «عند أبي- أو عند أمي- يحق لي...»،
لا يجب هدر الوقت بتقديم تفسيرات وتبريرات مطوّلة.
يكفي إجابته على النحو التالي:
«عند والدك، يحصل ذلك، لكن هنا أمر مختلف». المهم هو أن يدرك وجود إطار محدّد له في كلا المنزلين.
هذا ما يشعره بالطمأنينة ويساعد في بناء شخصيته.
بدءاً من اللحظة التي يغيب فيها
الإفراط، من كلا الجانبين، لن يتعرض الولد لأي ضرر،
وقلما يهم إن كان هذا الإطار متحرراًً لدى أحدكما ومتشدداً لدى الآخر.
لا بد من أن تحاولا التفاهم على العناوين التربوية الرئيسة،
وليس على التفاصيل، إذ في الأخيرة، تتضح الفردية والفكر الإبداعي لكل منكما.
لا يهم إن كان نمط
العيش متحرراً لدى أحدكما، أو تقليدياً لدى الآخر،
المهم أن تُفرض القوانين الحياتية والقيود عينها على الطفل في المنزلين.
اصبرا
من شأن الطلاق إيقاظ الجروح ومشاعر الضغينة،
وإظهار الاختلافات الكامنة منذ زمن طويل. في حالة وجود ثقافتين مختلفين مثلاً، يعود كل منكما بعد الطلاق
إلى تقاليده وقيمه، فيحاول بالتالي الشخص الذي يقيم الولد عنده مسح كل أثر لتاريخ الآخر.
تنشأ الرغبة عينها في إثبات الذات على حساب الآخر إن كنت كأب تترك لزوجتك السابقة حرية اتخاذ القرارات المتعلقة بالتربية،
وذلك بدافع إلقاء المسؤولية أو الضعف.
لذلك، بعد الطلاق يعبّر رفض كل ما يأتي منها أو القيام بنقيض ما تفعله عن رد فعل عنيف ضدها،
وليس عن خيار تربوي حقيقي. في مثل تلك الحالات، يجب إظهار قليل
من الصبر لأنه مع الوقت تخف حدّة ردود الفعل المفرطة. عندما يصعب على الولد تحمّل الاختلاف الشاسع بين المنزلين،
يعبّر عن ذلك بسلوكه أكثر منه بالكلمات، كالحزن،
والغضب، والصمت، والانطواء على النفس، والعنف، وغيره...
عندما تستمر العوارض، من الضروري التساؤل حول الطريقة التي يتعايش بها مع ما يُفرض عليه.
إن بدت الخلافات مستعصية جداً أو الحوار مقطوعاً، لا يجب التردد لحظةً في طلب المساعدة من اختصاصي.
الولد الذي يشعر بالذنب بسبب الطلاق يلقي
بالمسؤولية على نفسه بدلاً من إلقائها على الوالدين.
تعاونا
يتفق اختصاصيو الأطفال على نقطة مفادها أن الاختلافات التربوية الوحيدة التي تهزّ استقرار الولد في الأعماق
هي تلك التي تتولّد نتيجة رفض أحدكما الآخر.
يحدث ذلك عندما تغيب العلاقة الأبوية بالتزامن مع العلاقة الزوجية،
وتتركز تصفية الحسابات والخصومة على المشروع التربوي. يعني التعاون بينكما
أن تعيشا في إطار واحد في فكر ولدكما وقلبه.
إن بقيت صورتكما تلك حيّة، حتى في ظل الصراع الجاري، يتكيّف ولدكما مع اختلافاتكما.
انتبها! يتطلب الاستمرار في تجسيد صورة الوالدين على الرغم من كل شيء حداً أدنى من التواصل،
وإلا سيكون ولدكما صلة الوصل بينكما، وهو دور لا يقدّر
الراشدون عواقبه عادةً. يعتقد الولد الذي يؤدي دور الوسيط بأنه مسؤول عن الكلمة التي يحملها،
والتي نادراً ما تكون مديحاً أو تحيّة حبّية، فيحمّل نفسه مسؤولية
مشاعر الغضب والحزن التي يثيرها عند نقل الرسائل، وإما ينتهي به الأمر إلى اعتبار كلامه مصدر تهديد
أو يستمتع بمهمة الوسيط تلك التي تسمح له بتولّي منصبي الأب أو الأم.
مع ذلك، من غير المفيد إجبار أحدكما نفسه على لقاء الآخر في حال كان الانفصال مؤلماً.
كي تشقا طريقكما نحو التفاهم، احترما نمط الطرف الآخر وعمله
من دون نسيان أن إعلامه بكل ما يخص حياة ولده واجب وليس خدمة.
المهم أن يشعر الولد، بمنأى عن الاختلافات التي تفصل بينكما، بأن لدى والديه
مشروعاً مشتركاً يتمثل في تأمين حاضر ومستقبل أفضل له.
عندما يترسخ هذا اليقين في ذهن الولد، تجاه وضد كل شيء، يمكنكما حينها القول
إنكما أدّيتما مهمّتكما بشكل جيّد نوعاً ما.
تجربة
سمير (10 أعوام)
«مضت أربعة أعوام على انفصال والدي، اعتدت كلياً على الوصاية المتبادلة،
على الرغم من أنني أفضّل أحياناً عدم تغيير المكان. أغتاظ حين أنسى
غرضاً ما أو عندما أرغب في رؤية أحد والدي. تنتابني الرغبة أحياناً في عدم الرحيل مجدداً لأنني اعتدت على البقاء.
لكن في معظم الأوقات، أجد من المتعة
أن يكون لي منزلان، إذ ألتقي أناساً جدداً ولدي أصدقاء آخرون في الحي، وأمور كثيرة أكتشفها أسبوعياً.
غرفتي مثلاً أوسع في منزل والدي».
«وجد والداي شريكي حياتهما... في منزل أبي، لدي أخت صغيرة تملأ المنزل، لذلك لا نستطيع الخروج نهاية الأسبوع.
أما في منزل والدتي،
لدي مجال أكبر للتحرّك وذلك أفضل!
الجيّد لدى أبي هو أنني أخلد إلى النوم في وقت متأخّر، ونشاهد الأفلام في عطلة نهاية الأسبوع،
فيما أنام باكراً عند والدتي».
2009-08-11, 03:23 من طرف البرهومي
» صورة من اعماق الكون .. شاهد وعلق..
2009-07-10, 17:23 من طرف kheiro21
» إستفتاء ... يرجى الدخول من الجميع
2009-07-10, 16:53 من طرف kheiro21
» انتزع..قلبي..وغادر
2009-06-14, 11:56 من طرف chihaby
» ~~ جنون الليل ~~
2009-06-14, 11:56 من طرف chihaby
» شجرة الانبياء عليهم السلام
2009-06-14, 11:55 من طرف chihaby
» سبع حقائق علمية تشهد بصدق النبي صلى الله عليه وسلم
2009-06-14, 11:54 من طرف chihaby
» شاب تهتز اركانه امام فتاة
2009-06-13, 23:03 من طرف النمر
» عضو جديد بالمنتدى
2009-06-13, 15:38 من طرف النمر